رغم انشغاله بفضائحه ودفاعه عن تحرشاته الجنسية التي لا تصدر من شخص يحظى بشهرة مدوية، فكيف بسيلفيو بيرلوسكوني الذي فضله الطليان على أي مرشح آخر ليكون هو من يدير بلادهم مستندين على كم هائل من وعود الرخاء التي أطلقها لهم ليتضح حتى الآن انه رجل غاوي سياسة من اجل تصييت نفسه وثروته الهائلة التي كادت تتخطى حاجز العشرين مليارا قبل الأزمة العالمية.
ورغم كل ما يعيشه بيرلوسكوني، بما فيها خلافه مع زوجته الشابة التي تتهمه بالخيانة، فهو رمى ذلك خلفه هذه الأيام وتذكر واجبه تجاه فريقه ميلان صاحب السجل الكبير في البطولات ومالك الرقم العالمي في البطولات الخارجية (17).
وأطلق رئيس الوزراء الايطالي قبل ثلاثة أيام تصريحه الشهير الذي قال فيه ان ميلان الذي يمتلكه منذ عام 1986، أي منذ أيام صداقته مع رئيس حكومة ايطاليا آنذاك وملك الفضائح الأول بينيتو كراكسي، لن يقبل أبدا ضم أي لاعب يزيد عمره عن ثلاثة وعشرين عاما، وأن ميلان لن يكون بنظر البعض نادي العجزة الأول في اوروبا، وأن التخطيط لمستقبل افضل للفريق اللومباردي قد حان حتى ولو كان ذلك على حساب خروجه خالي الوفاض موسما آخر.
والمهم بالنسبة لبيرلوسكوني ان يعود الفريق لوضعه الطبيعي وان لا يكون متفرجا كما حصل في الموسمين الأخيرين اللذين دفع ثمنهما ابن النادي المدرب كارلو انتشيلوتي الذي قرر تغيير وجهته نحو الغرب اللندني مع تشلسي الانجليزي.
ولحق بديل انشيلوتي وهو البرازيلي ليوناردو برئيسه وأكد قبل بداية الموسم ان فريقه ليس في مستوى الجار الأزرق انتر ميلان، فريق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، ولا حتى يوفنتوس الذي بدأ يبني نفسه بشكل أفضل.
ومن المرجح أن ينحصر الصراع من جديد بين انتر ميلان بطل الدوري ويوفنتوس وصيفه، فيما يلعب ميلان دور المتفرج مرة أخرى، رغم ان جماهير الروسونيري تكره تماما هذا الوضع وترفض تماما ألا يكون فريقها المنافس الأبرز على اللقب الذي من المتوقع ان يغيب عنه مجددا.
وواقع الحال كما يبدو هو ما عبر عنه الرجلان المهمان في "روسونيري" ومعهما عراب الفريق وصاحب العقل المفكر والصفقات ادريانو جالياني الذي التزم أيضا بدوره الصمت ولم يظهر تفاؤله المعهود.
وجعلنا هؤلاء الثلاثة نرى ان عنوان المكتوب قرئ مبكرا بالنسبة لفريق قد يكون هو الأنجح على الإطلاق في ربع القرن الأخير، أي تقريبا منذ بداية حقبة "السنيور" بيرلوسكوني.
ولعل أكثر ما يدهش في الموضوع ان ميلان حصل على الأموال اللازمة لتعزيز صفوفه من خلال بيعه النجم البرازيلي ريكاردو كاكا إلى ريال مدريد الاسباني مقابل حوالي 66 مليون يورو، لكن يبدو ان الفريق اللومباردي ورئيسه أصبحا يحسبان حسابا للفلس الواحد.
فبعد ان كان لويس فابيانو هداف البرازيل الجديد قريبا جدا من الانتقال الى ميلان، اخفق الأخير في إتمام الصفقة بسبب "بخله" حسب ما أشار مدير أعمال اللاعب الذي أعرب عن صدمته من موقف ميلان!.
وحتى ان الصفقة التي عقدها مع الفرنسي الواعد علي سيسوكهو عادت وألغيت لأن "اللاعب يعاني من عيوب في أسنانه"، لكن يبدو أن هذا العيب لم يلحظه القيمون على ليون الفرنسي الذين ضموا هذا اللاعب.
وبخلاف استعادة بعض النجوم المحليين بعد انتهاء فترة إعارتهم، فان ميلان لم يجر أي صفقات مميزة بعد أن كان فارسها الأبرز والتاريخ شاهد على ذلك مع الثلاثي الهولندي الرائع رود جوليت وفرانك رايكارد وماركو فان باستن، ثم الصربي ديان سافيسيفتش والكرواتي زفونيمير بوبان والفرنسي جان بيار بابان وروبرتو باجيو والليبيري جورج وياه والبرازيلي رونالدو والاوكراني اندري شفتشنكو، ومن ثم كاكا ومواطنه رونالدينيو.
لكن يبدو أن ابرز صفقات الفريق اللومباردي أصبحت متمثلة بلاعبين من طراز المدافع الاميركي المغمور اوجوشي اونييوو، وهو أمر محزن لمشجعي ميلان الذي تجرأ مدربه ووضع اغلي لاعب في العالم في بداية تسعينات القرن الماضي واسمه جانلويجي لنتيني على مقاعد الاحتياط لأن الفريق كان يعج حينها بلاعبين تاريخيين.
وجاءت النتائج التي حققها ميلان في الآونة الأخيرة لتؤكد وضعه المأساوي، فهو مني بخمسة هزائم على التوالي وآخرها في كأس اودي على يد بايرن ميونيخ الالماني 1 ـ 4، ما يشير إلى أن الطريق ستكون وعرة جدا أمامه هذا الموسم خصوصا و الأهداف التي أعلنها مالكه غير واقعية في ظل وجود تسعة لاعبين فوق سن الثلاثين أغلبهم أساسيون، مثل الحارس كريستيان ابياتي وجينارو جاتوزو واندريا بيرلو وجانلوكا زامبروتا والهداف فيليبو اينزاجي والعائد من الإصابة اليساندرو نستا وجوزيبي فافالي والجورجي كاخا كالادزه والهولندي كلارينس سيدورف والقائد الجديد ماسيمو امبروزيني والتشيكي ماريك يانكولوفسكي.
ويخشى أنصار الميلان أن يتكرر السيناريو الذي اختبره الفريق قبل حوالي عقد ونصف من الزمن عندما كانت أسماء أسطورية كبيرة على وشك الاعتزال ولم تقدم الإدارة البديل بسرعة، فلقي "روسونيري" خسارة تاريخية لا يزال أنصار المنافس المباشر يوفنتوس يتغنون بها حتى الآن بعدما فاز "السيدة العجوز" 6 ـ 1.
وكان الدفاع يتكون حينها من القائد الأسطوري فرانكو باريزي (36 عاما حينها) وبييترو فيركوفود (37) وماورو تاسوتي (36) واليساندرو كوستاكورتا (30) وفيليبو جالي (36) والحارس سيباستيان روسي (32)، وكان القائد المعتزل حديثا باولو مالديني أصغرهم حينها (28).
وبعد تلك المباراة أصبحت أعمار هؤلاء اللاعبين مادة للتهكم والسخرية في الصحافة الايطالية التي ذكرت أن مجموع أعمار المدافعين زادت عن المئة وخمسين عاما.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ميلان بحاجة إلى صدمة من هذا النوع ليدرك أن عليه قلب أوراقه وضخ دم جديد في الفريق.